عصام ابوشادي
شيئان أقف أمامهما لأشعر معهما بأن كياني يرتج ويرتجف ،شيئان فيهما من العمق مايجعلك تعيش حالة من الهيام اللاشعوري وتطير في عالم الخيال الروحي،هما قصيدة ومقولة تتجلى فيهما كل معاني الحب والوطنية.
أولها قصيده أبدع فيها بيرم التونسي في سرد قصة الحج فجعلنا نعيش أجواءه دون أن نمارس طقوسه ونتمني اللحاق به، فكانت قصيدة(القلب يعشق كل جميل).
والثانية مقولة خرجت من قلوب إثنين من أبناء هذا الوطن ومن نسيج هذه الأمه التي هي في رباط إلي يوم الدين تلك المقوله التي قالها مكرم عبيد ورددها علي مسامعنا البابا شنوده مرة أخري،ليوضح لنا دلالة العمق في حب هذا الوطن،عندما قالوا (أن مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه) فكم من ملايين أمتنا العظيمه يعيش هذا الوطن فيهم،ولما وهم الذين قهروا كل الصعاب علي مر تاريخهم، من الهكسوس إلي أخرهم الإخوان.
ثم نأتي إلى الحقيقة التي لاتقبل للشك أن لهذا الوطن أمه مهما كانت الصعاب التي تمر بهم، إلا أنهم يظلون متمسكين به،فقد كتب لهذا الجيل أن يري حقيقة الماضي أمام عينيه،حقيقة وطن كان علي شفا الضياع بعد أن إنقلبوا عليه فظنوا أنه التغير.
ولكن الحقيقة إن تكالب الأوغاد علي هذا الوطن جعل الشعب يفيق علي حقيقة أن الخيانه الداخلية أكثر خطورة من خيانة عدو خارجي يدعم هؤلاء الأوغاد،فكانت الصحوة الوطنية التي عبرت بهذا الوطن لبر الأمان المشحون بكل التهديدات من أجل إسقاطه.
لن أحدثكم علي الأوطان الأخري كيف تنهش كنهش الضباع للفريسة فقد علمتم بخبرها وشاهدة أمامكم،ولكن أحدثكم عن الأوغاد الذين مازالوا يعيشون بيننا ويحاولون تعرية ظهر هذا الوطن،أحدثكم عن الأوغاد الذين ينهشون في هذا الوطن فلم يتركوا شيء إلا وإنهالوا عليه كجزار يحاول أن ينقض علي ذبيحته،انهم لا ينظرون إلي إيجابيات هذا الوطن ولكنهم فقط يتحينون سلبياته سواء كانت قديمه أو حديثه يساعدهم في ذلك بعض ضعاف النفوس والعقول والحاقدين.
فمازال شباب هذا الوطن هو غايتهم،غايتهم في أن يطمسوا إنتمائه،غايتهم أن يزرعوا فيه أنه بلا هوية أو مستقبل،غايتهم أن يزرعوا بداخله الشك بأن وطنهم مسلوب ومنهوب، شباب لم يشاهد أجداده كيف تحملوا وجاهدوا من أجل هذا الوطن،شباب يعيش فقط بداخل مغريات الحياة التي يحاول أن يجاريها بأي ثمن،
وفي المقابل هناك شباب ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الوطن،وهناك شباب يعمروا هذا الوطن في برد الشتاء وتحت قيظ الشمس المحرقة.
إن هذا الوطن أصبح يحلم به العالم أجمع بما يشاهدونه من إحياء مصر الكبري التي غابت كثيرا بعد أن غاصت في ظلام الجهل والفساد لسنوات طويلة، إن هذا العالم أصبح يعلم جيدا أن لهذا الوطن شعبا وشرفا يستطيع أن يحقق بهم المعجزات،فلن يسقط وطن أبدا مادام له شعبا يحميه ورب تجلي فيه ولو كره الكارهون.