ظاهرة إدمان وسائل التواصل الإجتماعي
بقلم الدكتور/ عبدالعزيز آدم
اخصائي علم النفس السلوكي
بداية الإدمان من حيث التعريف، هى حالة تستعبد الإنسان ويستجيب لها دون إرادة حقيقة مهما كانت عواقبها ومها كان رفضه لها، وهو له أكثر من صورة وأكثر من نوع ولكن جميعها يعتمد مباشرة بالسيطرة علي العقل عن طريق ما يلي:
(١) التناول المباشر لمادة مخدرة تصل إلى المخ ولها أمثلة كثيرة تبدأ من تدخين السجائر وحتى تعاطي المواد المخدرة المعروفة.
(٢) تحفيز المخ علي إفراز مواد كميائية ذاتيا للشعور بإرضاء وقتي زائف بدرجات متفاوتة وذلك يجعل العقل في حاجة مستمرة لهذا المحفز لإفراز هذه المواد من وقت لآخر.
كلا النوعين السابقين لا يقل خطورة عن الآخر لأن كلاهما يستعبد الانسان وهو السبب الرئيس في تدهور حياة الانسان وتحويلها بشكل تدريجي إلي عزلة ثم إلي أمراض نفسية اقل أضرارها انها لا تجعل الانسان يستمر في حياته بشكل طبيعي وصولا إلي نهاية الحياة بأكملها.
الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هي كأي أداة نتجت عن التطور المذهل للعلم فهي إذا استخدمت بشكل واع متزن فإنها تكون أحد وسائل النفع والرفاهية، وإذا استخدمت بشكل مفرط وغير متوازن فهي تؤدي الي أضرار بالغة تبدأ من التأثير علي مسار الحياة الطبيعية وقد تتفاقم لتودي بحياة الانسان بأكمها.
إن السبب الرئيس في إدمان وسائل التواصل الاجتماعي من الناحية الطبية هو استمرار تحفيز المخ علي إفراز بعض المواد الكيميائية يكون بحاجة مستمرة لها من آن لآخر كما ذكرت في انواع الادمان وارتباطه بوظائف الدماغ. ولكن من الناحية النفسية هو ببساطة نوع من الهروب من الواقع باحباطاته وتحدياته، إلى عالم افتراضي يكونه الشخص لنفسه يحقق فيه نجاحات أو يعيش فيه بشخصية وهمية بعيدة عن الواقع وصفات يفتقدها، وهى تماثل ما نسميه في علم النفس بأحلام اليقظه،أو البحث عن عالم مختلف للوصول لمشاعر يفتقدها أو التقاء أشخاص لم يُصادفهم في واقعه والذين هم بدورهم في الغالب يعيشون طور التزييف باحثين عن نفس الضالة. وفِي لحظة الحقيقة وبعد فوات الأوان تتساقط الاقنعة تدريجيا لتنكشف الوجوه وتحدث الصدمة ليكتشف الجميع أن هذا العالم الافتراضي هو مجرد زيف وأقنعة.
قد أجرت جامعة كورنال الأمريكية دراسة احصائية عن معدل استخدام وسائل التواصل الإجتماعي ونسبة من وصلو لدرجة الإدمان، وقد كانت النتائج مذهلة مقلقة كثيرا حيث أثبتت هذه الدراسة أن أكثر من ٣٠% من مستخدمي الشبكة العنكبوتية قد وصلو لدرجة الإدمان وهذه النسبة في ذيادة مطردة.
فمثلا، موقع فيسبوك الأشهر بين وسائل مواقع التواصل الإجتماعي ومن له نصيب الأسد بينها من حيث عدد المستخدمين، حيث أن عدد مستخدميه الآن يتعدي ٢٫٢ مليار مستخدم وهو ما يربو عن ربع عدد سكان الكرة الارضيّة بأكملها مع أعتبار أن بعض دول العالم الثالث مازالت تعاني من وصول الانترنت من الأساس وإلا لكانت النسبة أعلي بكثير من هذا الرقم. وطبقا لهذه الإحصائية فان اكتر من ٧٥٠ مليون شخص يعانون من إدمان إستخدام موقع فيسبوك منفردا، منهم نسبة معتبرة من الدول العربية.
وبعيدا عن الأرقام والإحصاءات دعونا نأخذ الأمر من الناحية المجتمعية الى المنحى الفردي. وبعد ذكر أسبابها... دعونا نتطرق بشيء من التفصيل بالاجابة على تلك الأسئلة- ما هى أعراض إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟ وما هي سلبيتها من الناحية النفسية؟ وما هى الوسائل المقترحة لعلاجها وتقنينها؟
أعراض إدمان وسائل التواصل الإجتماعي:
بعض الدراسات خلصت إلى أنه إذا ذات عدد ساعات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عن ٣٨ ساعة أسبوعيا (اَي معدل خمس ساعات يوميا أو أكثر) فإنها تعني أن المستخدم قد وصل لدرجة الإدمان، هذه مجرد معادلة احصائية، لكن أعراض الإدمان لوسائل التواصل الاجتماعي لا تختلف كثيرا عن إدمان المخدر والبحث بشغف وبشكل دائم غير منقطع لاستخدام هذه الوسائل، منها على سبيل المثال:
- ارتباط الشخص وبشكل مفرط وجدانيا ونفسيا بوسائل التواصل الاجتماعي واعتبارها عالمه الحقيقي الذي يتسبب في سعادته أو توتره أو حزنه أو تصل إلى فقدانه لأقرب الأصدقاء في كثير من الأحيان
- ضياع وقت أكثر من اللازم في متابعة ونشر ومراسلة واستخدام هذه الوسيلة بشكل مفرط مما يؤثر بشكل سلبي علي العلاقات الاجتماعية والأولويات والإهمال حتي في الواجبات الاسرية الأساسية كتربية الأبناء او معالجة المشاكل الأسرية
- التوتر بشكل مبالغ فيه في حال انقطاع الإنترنت والبحث بشغف عن أي وسيلة للتواصل مهما كان ذلك مكلفا لحين عودة الإنترنت
- متابعة هذه الوسائل بشغف مفرط يصل إلى النوم اثناء استخدامها أو الاستيقاظ من النوم بشكل مفاجئ متلهفا لمتابعة الجديد في عالمك الافتراضي نتيجه الارتباط المفرط به
- وقد نتج هذا الادمان فيزيائيا كما ذكرت نتيجة خلل ذاتي في كيمياء المخ كما ذكرت
من الناحية النفسية فان الإدمان على وسائل التواصل الإجتماعي بشكل عام، بخلاف ما تهدره من وقت ثمين من حياة الانسان، فإنها تؤدي الي إنفصال الإنسان عن المجتمع ومشاكل نفسية تصل إلى الإكتئاب وتغير في سلوك الشخص أسريا ومجتمعيا، ذلك يصل إلي إهمال أهمال أولويات الحياة كإنجاز العمل او التواصل مع الأبناء بخلاف إهمال تربيتهم وعدم تخصيص وقت كافي لهم فانه أيضا يكون مثال لقدوة سيئة لهم وبداية لتقليدهم لهذه الصفة الزميمة وصناعة مدمن صغير يهمل في واجباته الدراسية وما يلبث أن يكون مدمنا كبيرا مع الوقت.
تلك الأعراض المرعبة التي تؤدي إلى هدم الأسرة من لبنتها الأساسية لتنشئ جيلا منعزلا ليس فقط عن مجتمعه وحسب ولكن عن نفسه أيضا.
ذلك بخلاف الإحباطات والصدمات التي تعاملت مع الكثير منها بحكم عملي التطوعي في مجال العلاج النفسي، فكم من القصص والحكايات لعلاقات عاطفية او حتى صداقة كلها فاشلة ومحبطة عبر هذا العالم الافتراضي الوهمي٫ ذلك بخلاف تناقل الشائعات والمبالغة في تناول الأخبار المحبطة والمنشورات التي تدمر التفكير الإيجابي من أساسه.
وبعد كل ما ذكرته من حقائق موجعه عن ذلك العالم الافتراضي الوهمي، وعن ما أدى ويؤدي إليه بشكل دائم من هدم قوام المجتمع والأسرة من أساسها، سأسرد لكم بعض الخطوات المقترحة لتقنينه فأنا لا أدعو أبدا إلى إلغاء استخدام هذه الوسيلة ولكن بشكل متوازن ونافع. وهذا لا يقتصر على مجتمعنا العربي فحسب ولكن هذه المشكلة استشري اثرها السلبي في العالم بأكمله وهذا ما دعى بعض الدول الأوروبية إلى عمل مبادرات كثيرة لتقنين استخدامه، كبريطانيا مثلا أعلنت مبادرة سبتمبر بلا فيسبوك وهى مبادرة تدعو إلى استخدام الفيسبوك لمدة ساعة علي الأكثر خلال شهر سبتمبر. وهذا أحد الخطوات للتغلب على هذا الوحش الخفي الفتاك- إضافه إلى خطوات اخرى أسردها فيما يلي:
- أهم وأول خطوة أن يعترف الشخص أن هناك مشكلة يجب علاجها ويكون عنده الإستعداد والقوة لعلاجها، وهذا صراحة هو العامل الأساس في علاج اَي معضلة نفسية
- تحديد أولوياتك من خلال ترسيخ اليقين في داخل نفسك أن نجاحك في بناء أسرتك ونجاحك في دراستك وعملك وحياتك له الأولوية المطلقة عن إهدار الوقت في ما لا و لن ينفعك
- البحث عن هواية تشغلك كالقراءة أو كتابة خواطر أو الرياضة لأن المحفز الأساسي في الإفراط في استخدام وسائل التواصل الإجتماعي هو الفراغ الذي يجب قتله بشكل نافع ومفيد
- تحديد هدف واضح للوصول إليه وعدم توقف طموح الانسان عند حد معين مهما كانت مكانته ومهما كان عمره، وليس شرط أن يرتبط هذا الهدف بالشخص ذاته ولكن ممكن أن يرتبط بأبنائه مثلا أو المقربين منه بمساعدتهم للوصول لهدف ونجاح معين
- البحث عن أساس المشكلة، ما هو الشيء الذي تبحث عنه في هذا العالم الافتراضي، هل التسلية مثلا أو الخجل من تكوين علاقات حقيقية مباشرة، وهل هذه هي الطريقة البديلة الصحيحة للوصول لذلك. إذا أجبت عن هذه الأسئلة بشفافية وصدق فإنك حتما ستجد الحل الصحيح لها بخلاف إدمان عادة لن تجلب لك أي نفع
- التواصل الإجتماعي الحقيقي وليس الإفتراضي، تكون صداقات، الخروج من محبسك، زيارة الأهل والأقارب، التنزه مع الاسرة أو الأصدقاء
- وضع حد أقصي لاستخدام وسائل التواصل الإجتماعي يقل تدريجيا حتي يصل إلي ساعة أو أقل من ذلك يوميا
- تحديد يوم أو اكثر بلا إنترنت أو هاتف إن أمكن لاسيما ايّام العطلات، أختر يوم معين أغلق الهاتف ضعه في درج مكتبك او دولابك وأعلم الأهل والمقربين أن لديك يوم بلا إنترنت أو هاتف، تحرك تعامل مع الناس والأسرة والأصدقاء بكيانك الحقيقي وليس الإفتراضي، تحرر من هذا السجن الذي اخترته لنفسك طواعية التقي بهم بكيانك وجسدك الحقيقيين، صدقني سترى الأمور من زوايا مختلفة وسترى أشياء لم تكن لتراها إذا استمرت حياتك في استعباد هذا العالم الإفتراضي المزيف.
الآن هو دورك، الآن هذا قرارك للنجاة، كن جريئا وحاسما تحرر من سجن العالم الإفتراضي المزيف الي العالم الحقيقي الذي تعيش وتري فيه الإبتسامة الحقيقية وليس الايموشن والنجاح الحقيقي وليس المصطنع والكيان الحقيقي، وليس المزيف، هذه ليست دعوى لمقاطعة وسائل التواصل الإجتماعي ولكن لتقنينها لأنها في حال استخدامها بتوازن وعقلانية حتما ستكون مفيدة، غير ذلك ستكون وسيلة للهدم وإهدار الوقت وإهدار الحياة برمتها.
بقلم الدكتور/ عبدالعزيز آدم
اخصائي علم النفس السلوكي
بداية الإدمان من حيث التعريف، هى حالة تستعبد الإنسان ويستجيب لها دون إرادة حقيقة مهما كانت عواقبها ومها كان رفضه لها، وهو له أكثر من صورة وأكثر من نوع ولكن جميعها يعتمد مباشرة بالسيطرة علي العقل عن طريق ما يلي:
(١) التناول المباشر لمادة مخدرة تصل إلى المخ ولها أمثلة كثيرة تبدأ من تدخين السجائر وحتى تعاطي المواد المخدرة المعروفة.
(٢) تحفيز المخ علي إفراز مواد كميائية ذاتيا للشعور بإرضاء وقتي زائف بدرجات متفاوتة وذلك يجعل العقل في حاجة مستمرة لهذا المحفز لإفراز هذه المواد من وقت لآخر.
كلا النوعين السابقين لا يقل خطورة عن الآخر لأن كلاهما يستعبد الانسان وهو السبب الرئيس في تدهور حياة الانسان وتحويلها بشكل تدريجي إلي عزلة ثم إلي أمراض نفسية اقل أضرارها انها لا تجعل الانسان يستمر في حياته بشكل طبيعي وصولا إلي نهاية الحياة بأكملها.
الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هي كأي أداة نتجت عن التطور المذهل للعلم فهي إذا استخدمت بشكل واع متزن فإنها تكون أحد وسائل النفع والرفاهية، وإذا استخدمت بشكل مفرط وغير متوازن فهي تؤدي الي أضرار بالغة تبدأ من التأثير علي مسار الحياة الطبيعية وقد تتفاقم لتودي بحياة الانسان بأكمها.
إن السبب الرئيس في إدمان وسائل التواصل الاجتماعي من الناحية الطبية هو استمرار تحفيز المخ علي إفراز بعض المواد الكيميائية يكون بحاجة مستمرة لها من آن لآخر كما ذكرت في انواع الادمان وارتباطه بوظائف الدماغ. ولكن من الناحية النفسية هو ببساطة نوع من الهروب من الواقع باحباطاته وتحدياته، إلى عالم افتراضي يكونه الشخص لنفسه يحقق فيه نجاحات أو يعيش فيه بشخصية وهمية بعيدة عن الواقع وصفات يفتقدها، وهى تماثل ما نسميه في علم النفس بأحلام اليقظه،أو البحث عن عالم مختلف للوصول لمشاعر يفتقدها أو التقاء أشخاص لم يُصادفهم في واقعه والذين هم بدورهم في الغالب يعيشون طور التزييف باحثين عن نفس الضالة. وفِي لحظة الحقيقة وبعد فوات الأوان تتساقط الاقنعة تدريجيا لتنكشف الوجوه وتحدث الصدمة ليكتشف الجميع أن هذا العالم الافتراضي هو مجرد زيف وأقنعة.
قد أجرت جامعة كورنال الأمريكية دراسة احصائية عن معدل استخدام وسائل التواصل الإجتماعي ونسبة من وصلو لدرجة الإدمان، وقد كانت النتائج مذهلة مقلقة كثيرا حيث أثبتت هذه الدراسة أن أكثر من ٣٠% من مستخدمي الشبكة العنكبوتية قد وصلو لدرجة الإدمان وهذه النسبة في ذيادة مطردة.
فمثلا، موقع فيسبوك الأشهر بين وسائل مواقع التواصل الإجتماعي ومن له نصيب الأسد بينها من حيث عدد المستخدمين، حيث أن عدد مستخدميه الآن يتعدي ٢٫٢ مليار مستخدم وهو ما يربو عن ربع عدد سكان الكرة الارضيّة بأكملها مع أعتبار أن بعض دول العالم الثالث مازالت تعاني من وصول الانترنت من الأساس وإلا لكانت النسبة أعلي بكثير من هذا الرقم. وطبقا لهذه الإحصائية فان اكتر من ٧٥٠ مليون شخص يعانون من إدمان إستخدام موقع فيسبوك منفردا، منهم نسبة معتبرة من الدول العربية.
وبعيدا عن الأرقام والإحصاءات دعونا نأخذ الأمر من الناحية المجتمعية الى المنحى الفردي. وبعد ذكر أسبابها... دعونا نتطرق بشيء من التفصيل بالاجابة على تلك الأسئلة- ما هى أعراض إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟ وما هي سلبيتها من الناحية النفسية؟ وما هى الوسائل المقترحة لعلاجها وتقنينها؟
أعراض إدمان وسائل التواصل الإجتماعي:
بعض الدراسات خلصت إلى أنه إذا ذات عدد ساعات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عن ٣٨ ساعة أسبوعيا (اَي معدل خمس ساعات يوميا أو أكثر) فإنها تعني أن المستخدم قد وصل لدرجة الإدمان، هذه مجرد معادلة احصائية، لكن أعراض الإدمان لوسائل التواصل الاجتماعي لا تختلف كثيرا عن إدمان المخدر والبحث بشغف وبشكل دائم غير منقطع لاستخدام هذه الوسائل، منها على سبيل المثال:
- ارتباط الشخص وبشكل مفرط وجدانيا ونفسيا بوسائل التواصل الاجتماعي واعتبارها عالمه الحقيقي الذي يتسبب في سعادته أو توتره أو حزنه أو تصل إلى فقدانه لأقرب الأصدقاء في كثير من الأحيان
- ضياع وقت أكثر من اللازم في متابعة ونشر ومراسلة واستخدام هذه الوسيلة بشكل مفرط مما يؤثر بشكل سلبي علي العلاقات الاجتماعية والأولويات والإهمال حتي في الواجبات الاسرية الأساسية كتربية الأبناء او معالجة المشاكل الأسرية
- التوتر بشكل مبالغ فيه في حال انقطاع الإنترنت والبحث بشغف عن أي وسيلة للتواصل مهما كان ذلك مكلفا لحين عودة الإنترنت
- متابعة هذه الوسائل بشغف مفرط يصل إلى النوم اثناء استخدامها أو الاستيقاظ من النوم بشكل مفاجئ متلهفا لمتابعة الجديد في عالمك الافتراضي نتيجه الارتباط المفرط به
- وقد نتج هذا الادمان فيزيائيا كما ذكرت نتيجة خلل ذاتي في كيمياء المخ كما ذكرت
من الناحية النفسية فان الإدمان على وسائل التواصل الإجتماعي بشكل عام، بخلاف ما تهدره من وقت ثمين من حياة الانسان، فإنها تؤدي الي إنفصال الإنسان عن المجتمع ومشاكل نفسية تصل إلى الإكتئاب وتغير في سلوك الشخص أسريا ومجتمعيا، ذلك يصل إلي إهمال أهمال أولويات الحياة كإنجاز العمل او التواصل مع الأبناء بخلاف إهمال تربيتهم وعدم تخصيص وقت كافي لهم فانه أيضا يكون مثال لقدوة سيئة لهم وبداية لتقليدهم لهذه الصفة الزميمة وصناعة مدمن صغير يهمل في واجباته الدراسية وما يلبث أن يكون مدمنا كبيرا مع الوقت.
تلك الأعراض المرعبة التي تؤدي إلى هدم الأسرة من لبنتها الأساسية لتنشئ جيلا منعزلا ليس فقط عن مجتمعه وحسب ولكن عن نفسه أيضا.
ذلك بخلاف الإحباطات والصدمات التي تعاملت مع الكثير منها بحكم عملي التطوعي في مجال العلاج النفسي، فكم من القصص والحكايات لعلاقات عاطفية او حتى صداقة كلها فاشلة ومحبطة عبر هذا العالم الافتراضي الوهمي٫ ذلك بخلاف تناقل الشائعات والمبالغة في تناول الأخبار المحبطة والمنشورات التي تدمر التفكير الإيجابي من أساسه.
وبعد كل ما ذكرته من حقائق موجعه عن ذلك العالم الافتراضي الوهمي، وعن ما أدى ويؤدي إليه بشكل دائم من هدم قوام المجتمع والأسرة من أساسها، سأسرد لكم بعض الخطوات المقترحة لتقنينه فأنا لا أدعو أبدا إلى إلغاء استخدام هذه الوسيلة ولكن بشكل متوازن ونافع. وهذا لا يقتصر على مجتمعنا العربي فحسب ولكن هذه المشكلة استشري اثرها السلبي في العالم بأكمله وهذا ما دعى بعض الدول الأوروبية إلى عمل مبادرات كثيرة لتقنين استخدامه، كبريطانيا مثلا أعلنت مبادرة سبتمبر بلا فيسبوك وهى مبادرة تدعو إلى استخدام الفيسبوك لمدة ساعة علي الأكثر خلال شهر سبتمبر. وهذا أحد الخطوات للتغلب على هذا الوحش الخفي الفتاك- إضافه إلى خطوات اخرى أسردها فيما يلي:
- أهم وأول خطوة أن يعترف الشخص أن هناك مشكلة يجب علاجها ويكون عنده الإستعداد والقوة لعلاجها، وهذا صراحة هو العامل الأساس في علاج اَي معضلة نفسية
- تحديد أولوياتك من خلال ترسيخ اليقين في داخل نفسك أن نجاحك في بناء أسرتك ونجاحك في دراستك وعملك وحياتك له الأولوية المطلقة عن إهدار الوقت في ما لا و لن ينفعك
- البحث عن هواية تشغلك كالقراءة أو كتابة خواطر أو الرياضة لأن المحفز الأساسي في الإفراط في استخدام وسائل التواصل الإجتماعي هو الفراغ الذي يجب قتله بشكل نافع ومفيد
- تحديد هدف واضح للوصول إليه وعدم توقف طموح الانسان عند حد معين مهما كانت مكانته ومهما كان عمره، وليس شرط أن يرتبط هذا الهدف بالشخص ذاته ولكن ممكن أن يرتبط بأبنائه مثلا أو المقربين منه بمساعدتهم للوصول لهدف ونجاح معين
- البحث عن أساس المشكلة، ما هو الشيء الذي تبحث عنه في هذا العالم الافتراضي، هل التسلية مثلا أو الخجل من تكوين علاقات حقيقية مباشرة، وهل هذه هي الطريقة البديلة الصحيحة للوصول لذلك. إذا أجبت عن هذه الأسئلة بشفافية وصدق فإنك حتما ستجد الحل الصحيح لها بخلاف إدمان عادة لن تجلب لك أي نفع
- التواصل الإجتماعي الحقيقي وليس الإفتراضي، تكون صداقات، الخروج من محبسك، زيارة الأهل والأقارب، التنزه مع الاسرة أو الأصدقاء
- وضع حد أقصي لاستخدام وسائل التواصل الإجتماعي يقل تدريجيا حتي يصل إلي ساعة أو أقل من ذلك يوميا
- تحديد يوم أو اكثر بلا إنترنت أو هاتف إن أمكن لاسيما ايّام العطلات، أختر يوم معين أغلق الهاتف ضعه في درج مكتبك او دولابك وأعلم الأهل والمقربين أن لديك يوم بلا إنترنت أو هاتف، تحرك تعامل مع الناس والأسرة والأصدقاء بكيانك الحقيقي وليس الإفتراضي، تحرر من هذا السجن الذي اخترته لنفسك طواعية التقي بهم بكيانك وجسدك الحقيقيين، صدقني سترى الأمور من زوايا مختلفة وسترى أشياء لم تكن لتراها إذا استمرت حياتك في استعباد هذا العالم الإفتراضي المزيف.
الآن هو دورك، الآن هذا قرارك للنجاة، كن جريئا وحاسما تحرر من سجن العالم الإفتراضي المزيف الي العالم الحقيقي الذي تعيش وتري فيه الإبتسامة الحقيقية وليس الايموشن والنجاح الحقيقي وليس المصطنع والكيان الحقيقي، وليس المزيف، هذه ليست دعوى لمقاطعة وسائل التواصل الإجتماعي ولكن لتقنينها لأنها في حال استخدامها بتوازن وعقلانية حتما ستكون مفيدة، غير ذلك ستكون وسيلة للهدم وإهدار الوقت وإهدار الحياة برمتها.
