قرأت لك
المطامع التركية الست في ليبيا
لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
من فوق رمال الصحراء الغربية المصرية، وفي قيادة المنطقة الغربية العسكرية، في سيدي براني، وعلى مسافة 100 كم من الحدود المصرية-الليبية، وقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بين رجاله، وجنوده، من قوات المنطقة الغربية العسكرية، التي تضم مقاتلي القوات الجوية، والقوات الخاصة، والفرقة 21 المدرعة، ليرسل إنذاره الأخير، صراحة، وبكل وضوح، لمن يهمه الأمر في داخل ليبيا، سواء في طرابلس، أو في غيرها، من العناصر الإرهابية، والمرتزقة، والمليشيات، أو خارج الحدود الليبية، في أنقرة، وغيرها.
ورغم أنه لم يلفظ اسم تركيا، صراحة، إلا أن الرسالة كانت واضحة، جلية؛ فتركيا هي الدولة التي تدخلت في ليبيا، بطرق غير مشروعة، منتهكة القرارات الدولية، للأمم المتحدة، وقرارات مؤتمر برلين، بحظر توريد السلاح إلى ليبيا، فلم تكتف بتوريد العربات المدرعة، والدبابات M60، والطائرات المسيرة بدون طيار، بل ونقلت المرتزقة الأجانب من شمال سوريا، إلى ليبيا، وأنشأت بها مركز قيادة وعمليات، من ضباط أتراك، ومركز استخبارات، غير عابئة بزعزعة الاستقرار، والأمن الداخلي، في ليبيا، وعاملة على تقويض محاولات الوصول إلى حل سياسي، داخلي، بين الأطراف الليبية المتنازعة.
لم تتدخل تركيا في ليبيا، لنصرتها، وإنما، فقط، لتحقيق مطامعها، التي يمكن تلخيصها في ستة أطماع، أساسية؛ أولها، الاستيلاء على النفط الليبي، الذي تمثل احتياطاته المركز الأول أفريقياً، والتاسعة عالمياً، ومن المقدر استمرار احتياطات النفط الليبية لمدة 77 عاماً، فضلاً عن أن قربها من أوروبا، جعلها تحتل المركز الثالث كأكبر مُصدر، للاتحاد الأوروبي، بعد النرويج، وروسيا، بإجمالي 403 مليون برميل سنوياً. ولا شك أن ذلك كله قد أغرى تركيا بالانقضاض على تلك الثروة البترولية الهائلة، لإنعاش اقتصادها، الذي تدهورت مؤشراته لنسب غير مسبوقة. وهو ما دفع إردوغان، للهث، سريعاً، نحو مدينة سرت الليبية، كبوابة الوصول لمنطقة الهلال النفطي الليبي، لإحكام سيطرته على حقوله.
أما المطمع التركي الثاني، فهو تثبيت أقدامها في ليبيا، للانقضاض على نصيب الأسد من خطة إعادة الإعمار، في ليبيا، عند استقرار الأوضاع بها، والمقدر أن تبلغ مئات المليارات من الدولارات، حتى وإن حصلت على ذلك بطرق غير شرعية، معولة على ما كان لها، أيام حكم الرئيس القذافي، من آلاف العمال الأتراك في ليبيا.
فيما يتلخص المطمع التركي الثالث، في ليبيا، بالاشتراك في إعادة تسليح، وتدريب، الجيش الليبي الجديد، فتهيأ لإدارتها أن وجودها الفعلي، على أرض ليبيا، سيعطيها الحق، ويمكنها من تنفيذ تلك العملية العسكرية، التي من شأنها أن تدر مليارات الدولارات، على الخزانة التركية. وهو ما يتكامل لمطمعها الرابع، المتمثل في تأسيس قاعدة عسكرية بحرية، تركية، في مصراته، على البحر المتوسط، وأخرى جوية، في مطار الواطية، الليبي، بما يحقق لها تواجد عسكري، قوي، في شمال أفريقيا، لتحقيق حلمها، الأكبر، مستقبلاً.
تؤسس المطامع الأربع السابقة، للمطمع التركي الخامس، وهو مطمع بعيد المدى، إقليمي الامتداد، يتمثل في حلم عودة الحكم العثماني، إلى شمال أفريقيا، خاصة وأن الجار المباشر، تونس، يسيطر على أغلبيته البرلمانية، حزب النهضة الإخواني، بما يتيح لتركيا موضع قدم في تونس، من خلال توجه الإسلام السياسي، وهو ما بدأ بتسهيلات راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإخواني، ورئيس البرلمان التونسي، بما حقق لتركيا، حالياً، مكاسب ضخمة، في تونس.
أما المطمع السادس، والأخير، لتركيا، في ليبيا، فيتمثل في محاولة تهديد الأمن القومي المصري، بإحداث قلق لمصر، ولشعبها، في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، عن طريق نقل الإرهاب لحدود مصر الغربية، بنقل آلاف الإرهابيين، والمرتزقة، من شمال سوريا، بأسلحتهم، وأفكارهم المتطرفة، وإعادة تمركزهم في مدينة درنة الليبية، قرب الحدود المصرية، للعمل على استنزاف الدولة المصرية. وهو الأمر الذي أعلن الرئيس السيسي عن التصدي له، وإن تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً مصرياً، للحفاظ على الأمن القومي المصري، اعتماداً على الشرعية الدولية، والإقليمية، المقررة بميثاق الأمم المتحدة، واستجابة لطلب، وإرادة، البرلمان الليبي المنتخب، الذي أعلن عنه رئيس البرلمان الليبي، المنتخب، عقيلة صالح، قبل أسابيع قليلة، أمام البرلمان المصري، عندما وجه نداءه للشعب المصري، وجيشه، وقائده، لحمايته من الغزو التركي الأجنبي لبلاده.
ومن هذا المنطلق، وبعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن استعداد مصر للتدخل عسكرياً، لحماية أمنها القومي، ودعم الشعب الليبي، وإنقاذه من الاحتلال التركي، وجرائم المليشيات الإرهابية المتطرفة، تعاقبت إعلانات التأييد الدولية، العربية والغربية، لكل الخطوات التي اتخذتها القيادة المصرية، في سبيل الدفاع عن أمنها القومي، وحدودها، من نزاعات التطرف، والمليشيات الإرهابية، وداعميها في ليبيا، وخارجها، فخرج بيان الخارجية الأمريكية، مؤكداً على ضرورة عمل ليبيا، وجيرانها، وكل الجهات الخارجية الفاعلة، لتعزيز وقف إطلاق النار على خط المواجهة، في المدن الليبية، سرت والجفرة، لتجنب تصعيد الصراع، كما أكد الرئيس الفرنسي ماكرون، إن استمرار تركيا في التدخل في ليبيا، سيكون له عواقب خطيرة، ستتصدى لها فرنس بكل حزم، كما أكدت قيادة حلف الناتو عن تأييدها لخطاب الرئيس السيسي.
وعلى الصعيد العربي، أكدت المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وغيرهما، عن تأييدهم، الكامل، لحق مصر في حماية أمنها القومي، وإجراءاتها في سبيل تحقيق هدفها، وخرج قرار الجامعة العربية بالإجماع، عدا قطر، بالطبع، مؤيداً لمصر، ورحبت القيادات الشرعية في ليبيا، والقبائل الليبية، بخطاب الرئيس السيسي، خاصة وأن المبادرة المصرية، متمثلة في "إعلان القاهرة"، هي الوحيدة التي تبحث عن تأمين حقوق الشعب الليبي، إذ أوصت بضرورة الوصول لحل سياسي للمشكلة الليبية، وأن تجرى انتخابات ليبية، برلمانية ورئاسية، في غضون 18 شهر، لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا الحبيبة ، وضمان توزيع عوائد الثروات الليبية على كل أفراد الشعب الليبي الشقيق.
المطامع التركية الست في ليبيا
لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
من فوق رمال الصحراء الغربية المصرية، وفي قيادة المنطقة الغربية العسكرية، في سيدي براني، وعلى مسافة 100 كم من الحدود المصرية-الليبية، وقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بين رجاله، وجنوده، من قوات المنطقة الغربية العسكرية، التي تضم مقاتلي القوات الجوية، والقوات الخاصة، والفرقة 21 المدرعة، ليرسل إنذاره الأخير، صراحة، وبكل وضوح، لمن يهمه الأمر في داخل ليبيا، سواء في طرابلس، أو في غيرها، من العناصر الإرهابية، والمرتزقة، والمليشيات، أو خارج الحدود الليبية، في أنقرة، وغيرها.
ورغم أنه لم يلفظ اسم تركيا، صراحة، إلا أن الرسالة كانت واضحة، جلية؛ فتركيا هي الدولة التي تدخلت في ليبيا، بطرق غير مشروعة، منتهكة القرارات الدولية، للأمم المتحدة، وقرارات مؤتمر برلين، بحظر توريد السلاح إلى ليبيا، فلم تكتف بتوريد العربات المدرعة، والدبابات M60، والطائرات المسيرة بدون طيار، بل ونقلت المرتزقة الأجانب من شمال سوريا، إلى ليبيا، وأنشأت بها مركز قيادة وعمليات، من ضباط أتراك، ومركز استخبارات، غير عابئة بزعزعة الاستقرار، والأمن الداخلي، في ليبيا، وعاملة على تقويض محاولات الوصول إلى حل سياسي، داخلي، بين الأطراف الليبية المتنازعة.
لم تتدخل تركيا في ليبيا، لنصرتها، وإنما، فقط، لتحقيق مطامعها، التي يمكن تلخيصها في ستة أطماع، أساسية؛ أولها، الاستيلاء على النفط الليبي، الذي تمثل احتياطاته المركز الأول أفريقياً، والتاسعة عالمياً، ومن المقدر استمرار احتياطات النفط الليبية لمدة 77 عاماً، فضلاً عن أن قربها من أوروبا، جعلها تحتل المركز الثالث كأكبر مُصدر، للاتحاد الأوروبي، بعد النرويج، وروسيا، بإجمالي 403 مليون برميل سنوياً. ولا شك أن ذلك كله قد أغرى تركيا بالانقضاض على تلك الثروة البترولية الهائلة، لإنعاش اقتصادها، الذي تدهورت مؤشراته لنسب غير مسبوقة. وهو ما دفع إردوغان، للهث، سريعاً، نحو مدينة سرت الليبية، كبوابة الوصول لمنطقة الهلال النفطي الليبي، لإحكام سيطرته على حقوله.
أما المطمع التركي الثاني، فهو تثبيت أقدامها في ليبيا، للانقضاض على نصيب الأسد من خطة إعادة الإعمار، في ليبيا، عند استقرار الأوضاع بها، والمقدر أن تبلغ مئات المليارات من الدولارات، حتى وإن حصلت على ذلك بطرق غير شرعية، معولة على ما كان لها، أيام حكم الرئيس القذافي، من آلاف العمال الأتراك في ليبيا.
فيما يتلخص المطمع التركي الثالث، في ليبيا، بالاشتراك في إعادة تسليح، وتدريب، الجيش الليبي الجديد، فتهيأ لإدارتها أن وجودها الفعلي، على أرض ليبيا، سيعطيها الحق، ويمكنها من تنفيذ تلك العملية العسكرية، التي من شأنها أن تدر مليارات الدولارات، على الخزانة التركية. وهو ما يتكامل لمطمعها الرابع، المتمثل في تأسيس قاعدة عسكرية بحرية، تركية، في مصراته، على البحر المتوسط، وأخرى جوية، في مطار الواطية، الليبي، بما يحقق لها تواجد عسكري، قوي، في شمال أفريقيا، لتحقيق حلمها، الأكبر، مستقبلاً.
تؤسس المطامع الأربع السابقة، للمطمع التركي الخامس، وهو مطمع بعيد المدى، إقليمي الامتداد، يتمثل في حلم عودة الحكم العثماني، إلى شمال أفريقيا، خاصة وأن الجار المباشر، تونس، يسيطر على أغلبيته البرلمانية، حزب النهضة الإخواني، بما يتيح لتركيا موضع قدم في تونس، من خلال توجه الإسلام السياسي، وهو ما بدأ بتسهيلات راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإخواني، ورئيس البرلمان التونسي، بما حقق لتركيا، حالياً، مكاسب ضخمة، في تونس.
أما المطمع السادس، والأخير، لتركيا، في ليبيا، فيتمثل في محاولة تهديد الأمن القومي المصري، بإحداث قلق لمصر، ولشعبها، في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، عن طريق نقل الإرهاب لحدود مصر الغربية، بنقل آلاف الإرهابيين، والمرتزقة، من شمال سوريا، بأسلحتهم، وأفكارهم المتطرفة، وإعادة تمركزهم في مدينة درنة الليبية، قرب الحدود المصرية، للعمل على استنزاف الدولة المصرية. وهو الأمر الذي أعلن الرئيس السيسي عن التصدي له، وإن تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً مصرياً، للحفاظ على الأمن القومي المصري، اعتماداً على الشرعية الدولية، والإقليمية، المقررة بميثاق الأمم المتحدة، واستجابة لطلب، وإرادة، البرلمان الليبي المنتخب، الذي أعلن عنه رئيس البرلمان الليبي، المنتخب، عقيلة صالح، قبل أسابيع قليلة، أمام البرلمان المصري، عندما وجه نداءه للشعب المصري، وجيشه، وقائده، لحمايته من الغزو التركي الأجنبي لبلاده.
ومن هذا المنطلق، وبعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن استعداد مصر للتدخل عسكرياً، لحماية أمنها القومي، ودعم الشعب الليبي، وإنقاذه من الاحتلال التركي، وجرائم المليشيات الإرهابية المتطرفة، تعاقبت إعلانات التأييد الدولية، العربية والغربية، لكل الخطوات التي اتخذتها القيادة المصرية، في سبيل الدفاع عن أمنها القومي، وحدودها، من نزاعات التطرف، والمليشيات الإرهابية، وداعميها في ليبيا، وخارجها، فخرج بيان الخارجية الأمريكية، مؤكداً على ضرورة عمل ليبيا، وجيرانها، وكل الجهات الخارجية الفاعلة، لتعزيز وقف إطلاق النار على خط المواجهة، في المدن الليبية، سرت والجفرة، لتجنب تصعيد الصراع، كما أكد الرئيس الفرنسي ماكرون، إن استمرار تركيا في التدخل في ليبيا، سيكون له عواقب خطيرة، ستتصدى لها فرنس بكل حزم، كما أكدت قيادة حلف الناتو عن تأييدها لخطاب الرئيس السيسي.
وعلى الصعيد العربي، أكدت المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وغيرهما، عن تأييدهم، الكامل، لحق مصر في حماية أمنها القومي، وإجراءاتها في سبيل تحقيق هدفها، وخرج قرار الجامعة العربية بالإجماع، عدا قطر، بالطبع، مؤيداً لمصر، ورحبت القيادات الشرعية في ليبيا، والقبائل الليبية، بخطاب الرئيس السيسي، خاصة وأن المبادرة المصرية، متمثلة في "إعلان القاهرة"، هي الوحيدة التي تبحث عن تأمين حقوق الشعب الليبي، إذ أوصت بضرورة الوصول لحل سياسي للمشكلة الليبية، وأن تجرى انتخابات ليبية، برلمانية ورئاسية، في غضون 18 شهر، لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا الحبيبة ، وضمان توزيع عوائد الثروات الليبية على كل أفراد الشعب الليبي الشقيق.